كتب: أحمد عماد
أعلنت مصر والتي تعد من أكثر البلاد اكتظاظا بالسكان، عن تسجيلها لأقل معدل للنمو السكاني خلال 50 عاماً.
حيث انخفض المعدل من 2.6% في عام 2017 إلى 1.4% في 2023.
ووفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، فإن التعداد السكاني الحالي يتجاوز 106 ملايين نسمة بقليل.
وذكر التقرير الديموغرافي أن عدد المواليد خلال عام 2023 بلغ نحو 2 مليون مولود، وهو رقم منخفض بمقدار 15% مقارنة بعام 2018، و7% مقارنة بـ 2022.
ويعود بعض الخبراء السبب لتراجع المواليد إلى أسباب كثيرة منها: “ارتفاع حالات الطلاق، وتراجع معدلات الزواج، والضغوط الاقتصادية”.
أعلنت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية أنها حققت “نجاحات كبيرة” في خفض معدلات النمو السكاني بنسبة 46% خلال الفترة من 2017 إلى 2023، حيث انخفضت هذه المعدلات من 2.6% إلى 1.4%،
وأشار البيان الرسمي إلى جهود الدولة المصرية في تحقيق هذا الإنجاز من خلال مشروع تنمية الأسرة الذي أطلقه الرئيس عبد الفتاح السيسي، بهدف تحسين حياة المواطنين وضبط معدلات النمو السكاني.
“هل سياسات الدولة لها يد؟”
خبير السكان ودراسات الهجرة الدكتور أيمن زُهري يستبعد أن تكون لجهود الدولة المباشرة في تنظيم الأسرة “تأثير يُذكر في هذا الانخفاض”.
مشيراً إلى أن الدافع الاقتصادي قد يكون السبب الأكبر في انخفاض معدلات المواليد وبالتالي انخفاض معدلات النمو السكاني.
وعن الأسباب، أوضح أن مصر شهدت ارتفاعاً في معدل النمو السكاني بعد عام 2011، ولكنه تجه إلى الانخفاض في السنوات العشر الأخيرة.
وأشار إلى أن هذا الانخفاض لا يمكن انسابه إلى سبب واحد، بل لعدة أسباب منها ارتفاع معدل الوفيات نسبياً، وانخفاض معدلات الزواج وزيادة حالات الطلاق، بالإضافة إلى الضغوط الاقتصادية التي يعاني منها المواطنون.
وأكد زُهري أن هناك تغيرات اجتماعية متعددة الأسباب تؤثر في معدلات المواليد، مثل تأجيل الإنجاب بسبب اعتباره عبئاً كبيراً، وعزوف بعض الشباب عن الإنجاب بسبب رغبتهم في تحقيق الذات وتحقيق أهداف شخصية.
“صفر مواليد هو الهدف”
أشار المسؤول السابق للمجلس القومي للسكان الدكتور «عاطف الشيتاني» إلى أن “الدولة المصرية تسعى جاهدة لتحقيق المعدل الصفري في نسبة الزيادة السكانية، حيث تُعرف هذه الحالة بـ(معدل الإحلال)”.
ويُبين الشيتاني في حديثه لـ”الجورنال العربي” أن تحقيق هذه المعادلة يعد تحدياً كبيراً أمام صانعي السياسات السكانية في مصر.
ويعتبر الشيتاني أن الوصول إلى هذه المعادلة بحلول عام 2030 سيكون صعباً، ويرى أن تحقيق هذا الهدف يشكل “التحدي الأكبر” أمام السياسات السكانية في مصر.
وأكد الشيتاني على أهمية تنفيذ “استراتيجية السكان” التي تم الإعلان عنها في القاهرة عام 2023، من خلال تحديد معايير ومؤشرات قابلة للقياس، وتقييمها ومراقبتها بانتظام كل 3 أو 4 سنوات، بهدف ضمان تحقيق الأهداف المنشودة والمساءلة المستمرة.
“الوعي هو السائق”
أكدت وزيرة التخطيط المصرية «هالة السعيد»، على أهمية المشروع القومي لتنمية الأسرة ودوره الرئيسي في تحسين خصائص السكان ومعالجة قضايا النمو السكاني.
وتبرز أيضًا الجهود المشتركة بين الوزارات المعنية في تحقيق النجاحات الملموسة في خفض معدلات النمو السكاني.
كما أشارت السعيد إلى زيادة الوعي لدى المواطنين المصريين بأهمية تنظيم عملية الإنجاب، ومدى تأثيرها الإيجابي على تحسين أوضاعهم المعيشية؛ مما يعكس التفاعل الإيجابي مع الحملات والبرامج التي تهدف إلى تنظيم الأسرة وتثقيف الجمهور.
الجهود الرامية لتغيير التقاليد المتجذرة في الريف المصري تعكس التحديات التي تواجهها الحكومة في مجال تنظيم الأسرة، والتي تسعى من خلالها لتحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، خاصةً مع تغيرات الأوضاع الديموغرافية والاجتماعية على مر الزمن.
من خلال تاريخها في تنظيم الأسرة وتطبيق برامج التوعية وتوفير وسائل منع الحمل، تُظهر مصر استجابتها لتحديات النمو السكاني وتطوراته، وهو ما يعكس الروح الحديثة في التعامل مع هذه القضايا وتبني السياسات والبرامج المناسبة للتحكم في النمو السكاني بشكل فعال ومستدام.