تقرير: أحمد عماد
خرجت الحكومة الفلسطينية الجديدة بقيادة محمد مصطفى إلى الواجهة السياسية بعد مصادقة الرئيس الفلسطيني محمود عباس على تشكيلتها.
هذه الخطوة جاءت في إطار جهود دولية وعربية تمثلت في ضغوط وتنسيق من الولايات المتحدة، وتركز بشكل أساسي على إعادة بناء الوضع في غزة بعد نهاية الصراع الأخير مع إسرائيل.
لكنها تواجه معارضة من الحكومة الإسرائيلية وتصادمًا مع حماس.
وفي تصريحاته، أكد محمد مصطفى، الذي يعتبر من الأقرباء الاقتصاديين لعباس، أن “الأولوية الوطنية هي وقف إطلاق النار وانسحاب إسرائيل بالكامل من غزة.. وسنعمل على وضع تصورات لإعادة توحيد المؤسسات بين الضفة الغربية وغزة”.
لا تزال التكهنات تدور حول مستقبل غزة بعد الصراع الذي تواجهه، خاصة مع خطط الجيش الإسرائيلي لعملية عسكرية في مدينة رفح جنوب القطاع، حيث يلجأ إليها النازحون الفلسطينيون من المعارك في شمال ووسط غزة.
وتستمر إسرائيل في موقفها بعدم التعاون مع السلطة الفلسطينية، خاصة بعد عدم انتقادها لهجمات أكتوبر، واستمرارها في دعم أسر منفذي الهجمات ضد إسرائيل، بينما تطالب الولايات المتحدة بإجراء إصلاحات في السلطة الفلسطينية.
أبدى المحلل الفلسطيني عبد المهدي مطاوع رؤية مختلفة للحكومة الجديدة، مؤكدًا أنها “مختلفة تمامًا عن أي حكومة سابقة”، ويرى أن أساس وجودها يرتبط بحل الأزمة في غزة.
من المقرر أن تؤدي الحكومة الجديدة اليمين الدستورية في الأيام المقبلة، وتعمل على تحسين الوضع الإنساني في غزة والضفة الغربية، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.
في الوقت ذاته، تبدي الولايات المتحدة تفاؤلها بوجود وزراء ولدوا في غزة، مما يعكس نية الحكومة الجديدة في تمثيل كامل الشعب الفلسطيني.
“حكومة دون موافقة حماس”
أكد عبد المهدي مطاوع أن الحكومة الجديدة تشكلت بموافقة عربية وأميركية وتمثل جزءًا من مقترحات أميركية، مشيرًا إلى أنها ستعتبر نفسها سلطة فلسطينية جديدة تعالج الإصلاحات المطلوبة وتستعد لإدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.
وفي سياق متصل، كشف السفير الفلسطيني لدى المملكة المتحدة، حسام زملط، عن دور قطر ومصر في تشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية جديدة، بمساعدة جميع الفصائل السياسية الفلسطينية، باستثناء حماس.
وعبر زملط عن أهمية التشاور مع حماس لفحص إمكانية تحقيق الوحدة الفلسطينية بين حماس وفتح.
في السياق نفسه، انتقدت حماس القرار الفردي الذي اتخذه عباس بتعيين أحد حلفائه رئيسًا للوزراء، معتبرة ذلك انحرافًا عن الجهود الوطنية.
من جهتها، ردت حركة “فتح” بانتقاد حاد على حماس، معتبرة أن من تسبب في إعادة احتلال إسرائيل لغزة لا يملك الحق في تحديد الأولويات الوطنية للشعب الفلسطيني.
“عقبة حرب غزة”
تواجه الحكومة الفلسطينية الجديدة تحديات ضخمة من الناحية الإدارية والدبلوماسية نتيجة تداعيات الحرب الإسرائيلية في غزة، حيث تحولت مساحات من الركام وشهدت نزوح عدد كبير من السكان، والذي يقدر بحوالي 2.3 مليون نسمة.
ومن المتوقع أن تتضمن مسؤوليات الحكومة الجديدة في الإشراف على المساعدات الدولية التي تصل إلى مليارات الدولارات، مما يتطلب التعاون والتنسيق مع جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك حركة حماس وإسرائيل والمجتمع الدولي.
بالإضافة إلى جاهزيتها لتحمل دورها في مواجهة هذه التحديات بعد وقف إطلاق النار، ومن المهم أن تحظى بثقة المجتمع الدولي والدول المانحة لتسهيل بدء عمليات إعادة الإعمار.
في هذا السياق، أصدرت محكمة العدل الدولية قرارًا يدعو إسرائيل إلى ضمان دخول الإمدادات الغذائية للسكان الفلسطينيين في غزة ووقف انتشار المجاعة، فيما طالب مجلس الأمن الدولي بوقف فوري لإطلاق النار والإفراج عن الرهائن.
على الرغم من جهود إسرائيل لتعزيز وصول المساعدات إلى غزة، إلا أن هناك حاجة ملحة للتعاون الدولي والدعم الشامل لتجاوز الأزمة الإنسانية وبدء عمليات الإعمار والتنمية في المناطق المتضررة.