تقرير : ياسر الدشناوى
يشتهر صعيد مصر بكثرة موالد أولياء الله الصالحين الذين نشأوا فيه أو نزحوا إليه من بلاد المغرب العربي
والقصص والحكايات كثيرة ومثيرة ….. ومع قرب شهر رمضان المبارك يتواكب إقامة موالد الأولياء فى كل محافظات مصر لتصير قبلة للعاشقين وملاذا للتائهين ومن تلك الموالد الكبيرة في صعيد مصر مولد أبو عمرة بمدينة جرجا بمحافظة سوهاج والذي يقام سنويا بداية من أول شهر رجب وتكون الليلة الختامية فيه يوم 15 رجب والتي يزداد فيها نزوح المريدين والمحبين من كل مكان ….. الجورنال العربي عاشت اليوم الختامي لمولد أبو عمرة بجرجا لتنقله لكم فى هذا التقرير الخاص.
ابوعمرة القصة والحكاية
ألقاب كثيرة أطلقت على ولى الله الصالح أبو عمرة ومنها أبو عمرة ودهيس والسيد والريس فماهى حكايته ونشأته حتى وصل إلى جرجا بمحافظة سوهاج واستقر بها
تذكر الكتب والمصادر أن الشيخ أبو عمرة هو أحد المغاربة الذين رحلوا إلي صعيد مصر مع عائلته وأهله وذويه ، إلي قرية الدهسة بفرشوط ، في القرن السادس الهجري ،لذلك كني “سيدي دهيس”، ويقال أنه مازال له أقارب ، وذوي رحم بالدهسة في فرشوط حتى الان
قال عنه الإمام المراغي: يحتمل أن يكون من ذرية سيدي موسى المكنى بأبي عمران جد الشيخ الشعراني الخامس ومن أَجل أصحاب أبو مدين التلمساني شيخ المغرب،
ويقول الإمام المراغي : وذلك طبقاً لوثيقة تثبت نسبه وجدت في خزانة الشيخ إسماعيل البياري.
أطلق عليه لقب قطب الصعيد لاشتهاره بالزهد والعبادة ، وكثرة الصوم ، ثم رحل من دهسة إلي جرجا التي كانت في هذا الوقت قبلة القصاد ، وكعبة العلماء ، يرتحلون لها لتلقي العلم والعلوم ، حيث كانت تعج بأفاضل العلماء في كل علوم الدين والعلوم الشرعية
كان يتردد علي المسجد العمري ، يتعلم علي يد علماء جرجا ، وينهل من علمهم الفياض ، و كان هذا المسجد في هذا الوقت مدرسة دينية للدرس والتعلم ، وكان يطل علي شاطئ نهر النيل مباشرة من الناحية الشرقية ، والأغلب أنه كان يقع قبلي المعهد الديني الحالي ،وهذا المسجد جرفه نهر النيل وتهدم تماماً ، وأندثر ولم يعاد بناؤه مرة أخرى
وكان يجلس في مقام الشيخ سهل بن الولي ، المشتهر حالياً بالشيخ السهولي ، للدراسة والتعبد ، والذي كانت له شهرة كبيرة في جرجا ، ومكانة كبيرة في قلوب الناس ، وهذا المقام عند “عطفة سلمي ” شرق مقام ومسجد أبي عمرة ، أقامه له أهل جرجا تكريماً وتبجيلاً له ، غير أنه مات ودفن في البصرة ، كما جاء في كتاب تعطير الأرجاء والأنحاء للعلامة الشيخ (محمد حامد المراغي).
وكان الشيخ (يوسف الخيامي) ، الشهير بالشيخ (الصياد )، صديقاً مقرباً له ، لم يفارقه أبداً ، وكانا يتدارسان العلوم الشرعية معاً ، والشيخ الصياد له مسجد ومقام بالشارع المعروف باسمه حالياً ،
وكان بجوار مقام “الشيخ الصياد “جبانة لبعض أهالي جرجا اندثرت وانتهت ، ولم يعد لها وجود ، وأقيم بدلاً منها بيوت ومساكن ، ولذلك توارث أهل جرجا عبارة “الصياد حبيب أبو عمرة ” ، ومازالت تذكر علي الألسنة حتي اليوم .
ويكني “سيدي دهيس”بأبي عمرة لأنه لم يعقب إلا بنتاً واحده أسمها (عمرة ) ، ولم ينجب سواها
وعن زهده : فقد طاب له المقام في عشته أو كوخه البسيط في المكان الحالي الذي كان يطل علي نهر النيل وقتها ، حيث أقيم له مقاماً هو الموجود حالياً ، وقد يكون تم تجديده في فترات لاحقة ، ثم بنيت زاوية عام ١٢٨٣ھ ثم بني المسجد الموجود الآن ، وكان الشيخ (أبو عمرة ) يأكل من عمل يده ، ومن كده ، ولا يقبل الصدقات وفى هذا يذكر أستاذ عبد الفتاح احد المريدين ومن اهالى جرجا : ان الشيخ ابو عمرة كان مجاهدا وشارك فى حروب الصليبين وأطلق عليه الريس لأنه ريس الأولياء وهو الولي الوحيد الذي يستمر مولده لمده 15 يوم دون غيره .
وكان معروفاً عنه أنه جواد كريم يعطف علي الفقراء والمساكين ، لذلك التصقوا به وأحبوه ويضيف الأستاذ عامر كمال : ان مولد الشيخ أبو عمرة هو العيد القومي لجرجا ويشتمل على العديد من الفعاليات التي تضم من بيع الحلوى ونزوح المريدين من كل مكان وإقامة الخدمات لاستقبال الزائرين الذين يأتون من كل محافظات الجمهورية لتقديم الأطعمة وتوفير أماكن المبيت .
وتزامن مع قصة الشيخ أبو عمرة العديد من القصص الغريبة والحكايات العجيبة ومنها أن السيدة زينب أعطت له سيفا خشبيا كان يقاتل به ومنها انه استشهد في الحرب وانفصل رأسه عن جسده واستقر رأسه تحت احد الأعمدة بالمدينة وجسده في المقام وغيرها من القصص الغريبة التي حكيت عن الشيخ أبو عمرة
ومنذ عشرات السنين يقام كل عام بداية من أول شهر رجب وحتى الخامس عشر من رجب حيث يقام مولد أبو عمرة والذي يعد من اكبر موالد الأولياء في صعيد مصر
زيارة المقام والتبرك وبيع الحلوى ولعب الأطفال وتوزيع المأكولات والتحطيب …. هنا مولد أبو عمرة
ويرتبط بمولد ابو عمرة بالعديد من المظاهر التي نراها طوال ايام المولد ومنها انه خلال أيام المولد يتم فتح المسجد الكبير مسجد أبو عمرة طوال اليوم لاستقبال الزائرين الذين يهرولون لزيارته مع اختلاف مقاصدهم وطلباتهم طالبين المدد والدعم (على حد اعتقاداتهم ) من الشيخ أبو عمرة والتبرك به والمقاصد عديد والطلبات متنوعة .
ومن المظاهر التي نراها في مولد أبو عمرة والذي يمتد كما رصدت كاميرا الجورنال العربي لعدة شوارع كبيرة رئيسية وفرعية تحيط بالمقام والمسجد هو انتشار بائعي الحلوى ولعب الأطفال والمأكولات المختلفة وفتح المطاعم 24 ساعة طوال أيام المولد لاستقبال الزائرين من كل مكان وفى هذا يذكر الحاج عارف أحد اكبر بائعي الحلوى في مولد الشيخ أبو عمرة : أنا موجود في مولد أبو عمرة منذ أكثر من 35 عاما وأضاف الحاج عارف أن أكثر الحلويات التي يتم الإقبال عليها هي: شعر البنات والسمسمية والحمصية ويأتي بعدها الملبن وعرائس المولد .
ونرى ما يسمى ( بالمرماح ) وهى لعبة سباق الخيول حيث ياتى كل ممارسي ركوب الخيل بخيولهم ليمارسوا سباق الخير فيما بينهم وسط الموسيقى بالمزمار البلدي والطبل الصعيدي
كما تنتشر بشكل كبير ويحدد لها شارع معين من الشوارع الرئيسية حول المقام هي لعبة التحطيب وهى من الألعاب التاريخية والموروثة في الصعيد ومن المظاهر الأساسية التي ترتبط بالعديد من الموالد ومنها مولد الشيخ أبو عمرة وعن تاريخ لعبة التحطيب يذكر الحاج عبد الغنى من أوائل ممارسي لعبة التحطيب ويطلق عليه عميد التحطيب أن التحطيب أصوله فرعونية وكانت مركز تدريب لفنون القتال ثم توارثناها في الصعيد وأصبحت لعبة بعيدة عن القتال والعنف وإحدى أهم الألعاب الشعبية في الصعيد وخلال أيام المولد تمارس لعبة التحطيب حيث يفد الى المولد المحبين وممارسي اللعبة من مختلف محافظات الصعيد يتبارون فيما بينهم مع أنغام المزمارالصعيدى دون تمييز فيما بينهم حيث تتلاشى القبليات والعصبيات خلال تلك اللعبة
ونرى العديد من الاهالى الذين يقومون بتوزيع الأطعمة المختلفة مجانا للزائرين والوافدين طوال ايام المولد ومنها الأرز باللبن فيذكر احد المواطنين انه حبا وتكرما بالشيخ أبو عمرة يقوم بتوزيع الأرز باللبن معظم أيام المولد وذلك منذ سنوات عديدة.
وفى اليوم الختامي إضافة إلى كل ما ذكرنا تقوم كل عائلة بعمل ليلة ذكر أو قران وياتى في الليلة الختامية احد قراء القران الكريم ليتلو آيات من القران الكريم في ما يسمى ( بصوان ) يحضر إليه كل الزائرين من كل مكان بمختلف وظائفهم حتى الشخصيات القيادية فى المحافظة ويتناول الزائرون وجبة العشاء وبعد تلاوة القران تختتم الليلة الختامية بليلة المنشد الديني الذي يحيى الليلة الختامية من بعد الساعة التاسعة مساءا ويستمر حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي ومن أشهر المنشدين فى الصعيد الشيخ أمين الدشناوى والشيخ ياسين التهامي لتنتهى مظاهر الاحتفال بخروج ما يسمى ( التوب ) وذلك ما يحدث فى العديد من الموالد الشعبية في الصعيد وتنتهي فرحة العديد من المحبين والمريدين مع أمل أن تمر الأيام بسرعة لتعود ايام الخير والفرحة مرة أخرى …….وسواء اختلفنا أو اتفقنا مع ما يذكر من كرامات وقصص وأساطير حول شخصيات الأولياء بالصعيد فيكفى أن الكرامة الوحيدة والواضحة هي : أن موالد الأولياء قبلة للعاشقين تذوب فيها الطبقات والقبليات والعصبيات وملاذا للتائهين والفقراء والمساكين يجدون فها المأوى والمأكل …..وتبقى الآية القرآنية : بسم الله الرحمن الرحيم ( ألا أن أولياء الله لاخوف عليهم ولا هم يحزنون ) صدق الله العظيم
لمشاهدة مولد ابو عمرة بجرجا :
https://www.facebook.com/100063649793854/videos/1712617862547860
https://www.facebook.com/100063649793854/videos/724880616500983
https://www.facebook.com/100063649793854/videos/71750371348029