تقرير: أحمد عماد
– “من الحريديم وكم عددهم؟”
“الحريديم” هم اليهود الأرثوذكس المحافظين دينيًا وسياسيًا واجتماعيًا، والذين يحافظون على القوانين الدينية والتقاليد اليهودية بكل صرامة.
يتميز الحريديم بتمسكهم بالأنظمة الدينية والقوانين التي وردت في الكتب المقدسة للديانة اليهودية، مثل التوراة، ويعارضون بشدة أي تغيير أو تحول في هذه الأنظمة.
يعتقد الحريديم بأن دولة إسرائيل يجب أن تعتمد على الشريعة اليهودية في تنظيم شؤونها وأنظمتها، ويرون أن الحكم والحياة العامة يجب أن تكون وفقًا لتعاليم الدين، بدلاً من القوانين التي تم وضعها بواسطة البشر.
يحاول الحريديم بشكل عام تجنب التفاعل مع العالم الخارجي وتقييد اتصالاتهم به، ويقتصرون التفاعل مع الأشخاص الغرباء على المعاملات الضرورية فقط، مثل القيام بالمعاملات التجارية أو التواصل في الحالات الضرورية الأخرى.
يركز الحريديم على المحافظة على التقاليد الدينية والقيم اليهودية التقليدية، ويسعون جاهدين لمنع تأثير الثقافة الخارجية على مجتمعهم وعلى أسلوب حياتهم.
يشكلون حوالي 3% من إجمالي سكان إسرائيل، زيادة نسبة الحريديم في إسرائيل على مر السنوات تعكس نمواً ديموغرافياً ملحوظاً في هذه الفئة الدينية المحافظة.
هذا النمو يمكن أن يعزى جزئياً إلى معدلات الولادة العالية للحريديم مقارنة بالمتوسط الوطني، فضلاً عن عوامل أخرى مثل الهجرة الداخلية والتغيرات الاجتماعية.
مع استمرار هذا النمو المتوقع، قد يكون للحريديم تأثير متزايد على المجتمع الإسرائيلي، سواء من خلال التأثير السياسي أو الثقافي أو الديني.
وقد تواجه الحكومة الإسرائيلية تحديات في مجالات مثل التشريع والخدمات العامة لتلبية احتياجات هذه الفئة المتنامية.
– ” متى ظهروا بفلسطين؟”
تاريخياً، تشكل حركة الحريديم جزءًا هامًا من الثقافة والهوية اليهودية، حيث حافظت هذه الحركة على التقاليد والعادات الدينية بصرامة على مر العصور.
ومع تطور العالم وظهور التيارات الحديثة والعلمانية، استمرت الحريديم في مقاومة التغير والتحديث، ورفضوا التأثيرات العصرية في حياتهم.
من خلال تمسكهم بالتوراة والتقاليد الدينية، شكل الحريديم مجتمعًا متميزًا يتميز بلباسهم التقليدي ولغتهم الخاصة وأسلوب حياتهم الديني.
وقد رفضوا بقوة فكرة الصهيونية وإنشاء دولة إسرائيل، معتبرين أن هذه الخطوة تعارض إرادة الله والمبادئ الدينية.
من الملاحظ أن مواقف الحريديم تغيرت بعد الهولوكوست، حيث تعرضت جماعتهم للمحرقة بشكل كبير. بالتالي، بدأ العديد منهم في الهجرة إلى إسرائيل، وهو ما أدى إلى تشكيل تجمعات حريديم كبيرة داخل الدولة.
على الرغم من ذلك، فإن الحريديم يظلون يعيشون في بعض المناطق بشكل منفصل عن بقية المجتمع الإسرائيلي، حيث يحافظون على أسلوب حياة ديني محافظ ويمارسون تعاليمهم الدينية بدقة.
ولا يزالون يعارضون الاندماج الكامل في المجتمع الإسرائيلي، مما يسبب بعض التوترات الاجتماعية والثقافية في بعض الأحيان.
– “أين يتركزون؟”
اليهود “الحريديم” يشكلون جزءًا مهمًا من المجتمع الإسرائيلي، حيث يعيشون في مجتمعاتهم الخاصة ويحافظون على نمط حياة ديني متميز.
تتمثل معظم مجتمعاتهم في مدن مثل بني براك ومنطقة ميا شعاريم في القدس، حيث توجد المعابد اليهودية والمدارس الدينية والمنظمات المجتمعية الخاصة بهم.
ينتمي أفراد هذه المجتمعات إلى خلفيات متنوعة، بما في ذلك بولندا ورومانيا والمغرب والعراق.
وبينما يختلف موقفهم تجاه إسرائيل، إذ يوجد بينهم من يؤيد وجودها ومن يعارضها، فإن الكثير منهم يعيشون هناك بسبب الدعم المالي الذي تقدمه الحكومة لهم.
على الرغم من تمسكهم بالتعاليم الدينية، فإن عددًا قليلاً من الحريديم يحملون شهادات مهنية، حيث يُفضل تعليم الأطفال في المدارس الدينية التقليدية، وتتولى النساء الدور الرئيسي في تربية الأسرة والحفاظ على البيت.
وتعاني مجتمعات الحريديم غالبًا من الفقر المدقع، مما يتطلب الاعتماد على المساعدات المالية من الجمعيات الخيرية والحكومة.
ومع ذلك، فإنه في السنوات الأخيرة، ظهرت طبقة عليا من الحريديم، حيث ازدهروا في مجالات مثل الإدارة العليا وصناعة الماس.
يعتمد الحريديم بشكل كبير على الحكام الدينيين في اتخاذ القرارات الحياتية، ويتبعون توجيهاتهم في مختلف الجوانب، بما في ذلك مكان العيش والزواج والعمل.
وبالنظر إلى النمو السكاني السريع للحريديم، فإنه من المتوقع أن يزيد تأثيرهم على المجتمع الإسرائيلي في السنوات القادمة، مما قد يؤدي إلى تغييرات اجتماعية وثقافية داخل الدولة.
– “جدل ومعارضة التجنيد”
الصراع حول خدمة الحريديم في الجيش الإسرائيلي يعكس توترات عميقة داخل المجتمع الإسرائيلي بشأن الخدمة الوطنية والمساواة.
في حين يرون البعض أن الخدمة العسكرية الإلزامية هي جزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية والمواطنة، يعارض الحريديم هذه الفكرة بناءً على مبادئ دينية وتقاليد ثابتة.
تصاعد النقاش حول هذا الموضوع بسبب الحاجة المتزايدة للقوات العسكرية في ظل التهديدات الأمنية المتنامية، وتأثيراتها على استعدادات الجيش وقدرته على التصدي للتحديات الأمنية المتنوعة.
توضح مطالب تجنيد الحريديم تغييرات في الديناميات الاجتماعية والدينية داخل إسرائيل، مما يثير تساؤلات حول كيفية التوفيق بين الالتزامات الدينية والوطنية في المجتمع.
يظهر المشهد السياسي الإسرائيلي الانقسام العميق بشأن هذا القضية، حيث يتصادم الحقوق المدنية مع الحقوق الدينية والثقافية.
ومن المحتمل أن يستمر هذا الصراع في الأعوام القادمة، حيث يحاول المسؤولون السياسيون إيجاد حلول توفر التوازن بين مطالب الخدمة الوطنية واحترام التقاليد الدينية.
من الواضح أن هذا الصراع لن ينتهي بسرعة، وأنه يتطلب حلولاً متوازنة تحترم الخصوصية الدينية وتضمن الشمولية والعدالة الاجتماعية في المجتمع الإسرائيلي.